خطبة الجمعة القادمة : مراحل بناء الشخصية في السنة النبوية ، للشيخ طه ممدوح
خطبة الجمعة القادمة 21 أكتوبر 2022م بعنوان : مراحل بناء الشخصية في السنة النبوية ، للشيخ طه ممدوح، بتاريخ 25 ربيع أول 1444هـ ، الموافق 21 أكتوبر 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 أكتوبر 2022م بصيغة word بعنوان : مراحل بناء الشخصية في السنة النبوية ، للشيخ طه ممدوح
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 21 أكتوبر 2022م بصيغة pdf بعنوان : مراحل بناء الشخصية في السنة النبوية ، للشيخ طه ممدوح
عناصر خطبة الجمعة القادمة 21 أكتوبر 2022م بعنوان : مراحل بناء الشخصية في السنة النبوية، للشيخ طه ممدوح:
أولًا: مفهومُ الشخصيةِ الإسلاميةِ ومقوماتُهَا
ثانيًا: عناصرُ بناءِ الشخصيةِ في السنةِ النبويةِ
ثالثًا: نماذجٌ مِن بناءِ الشخصيةِ في السنةِ النبويةِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 21 أكتوبر 2022م ، بعنوان : مراحل بناء الشخصية في السنة النبوية ، كما يلي:
خطبةٌ بعنوان: مراحلُ بناءِ الشخصيةِ في السنةِ النبويةِ بتاريخ 25 ربيع الأول 1444هـ – الموافق 21 أكتوبر2022م
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِه العزيزِ: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ), وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا ونبيَّنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليهِ، وعلي آلهِ وصحبِهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلي يومِ الدينِ، وبعــــدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: مفهومُ الشخصيةِ الإسلاميةِ ومقوماتُهَا
المقصودُ بالشخصيةِ الإسلاميةِ: هي مجموعُ الصفاتِ التي ينبغِي على المسلمِ أنْ يتحلَّى بهَا في سلوكهِ وتواصلهِ مع الآخرين، فالشخصيةُ الإسلاميةُ هي مَن تؤمنُ بالإسلامِ عقيدةً وفكرًا وتسعَى لتطبيقهِ في الحياةِ، ويكونُ اكتسابُ تلك الصفاتِ بطريقينِ العلمِ والتربيةِ، فأمَّا العلمُ فسبيلُهُ الاطلاعُ والتلقِّي مِن العلماءِ، وأمَّا التربيةُ فهي الأسلوبُ العمليُّ الذي يبينُ تطبيقَ الأحكامِ الشرعيةِ المتعلقةِ بالسلوكِ والخلقِ الحسنِ.
وتتمثلُ مقوّماتُ الشخصيةِ الإسلاميّةِ فيمَا يأتِي:
1ـ الربانيةُ: فالشخصيةُ الإسلاميةُ تقومُ على الإيمانِ باللهِ تعالى ورسولهِ، والتصديقِ بمَا جاءَ بهِ النبيُّ عليه الصلاةُ والسلام عن طريقِ الوحيِ، قالَ تعالَى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)( سورة الأنعام، آية: 16-163)، ويقتضِي هذا الإيمانُ توحيدَ اللهِ تعالى بجميعِ أنواعِ التوحيدِ الثلاثةِ وهي توحيدُ الربوبيةِ ومعناهُ أنْ يؤمنَ المسلمُ باللهِ تعالَى وحدَهُ خالقًا ومدبرًا، وأنَّهُ هو وحدَهُ صاحبُ التشريعِ، والحلِّ والتحريمِ، وأنْ يشتملَ التوحيدُ على الإيمانِ بتوحيدِ الألوهيةِ ومعناهُ عبادةُ اللهِ وحدَهُ، ثُمَّ أخيرًا توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ أي إثباتُ صفاتِ الكمالِ للهِ تعالَى، والإيمانُ بها جميعهَا بدونِ خوضٍ في كيفيتِهَا، وبدونِ تعطيلٍ أو تشبيهٍ أو تأويلٍ لهَا.
2ـ انقيادُ الشخصيةِ الإسلاميةِ للشرعِ: فالشخصيةُ الإسلاميةُ لا تلتفتْ إلى الاجتهاداتِ البشريةِ، أو التأويلاتِ العقليةِ كونُهَا مذعنةً لِمَا جاءَ بهِ الوحي من الله، قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)(سورة الجاثية، آية: 18).
3ـ محبةُ الشخصيةِ الإسلاميةِ للهِ ورسولهِ: فالشخصيةُ الإسلاميةُ تحبُّ اللهَ ورسولَهُ وتتشوقُ إليهمَا، ولا تقدّمُ أحدًا على محبتهمَا، وفي الحديثِ الصحيحِ ذُكِرَ أمورٌ ثلاثةٌ ينبغِي أنْ تتوفرَ فيمَن ينشدُ تذوقَ حلاوةِ الإيمانِ: (أنْ يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحَبَّ إليهِ مِمَّا سواهُمَا)(رواه البخاري).
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا: عناصرُ بناءِ الشخصيةِ في السنةِ النبويةِ
عناصرُ بناءِ الشخصيةِ في السنةِ النبويةِ متعددةٌ منهَا:
1ـ الإيمانُ: إنَّ الإيمانَ هو مِن أهمِّ عناصرِ ومقوّماتِ بناءِ الشخصيّةِ الإسلاميّةِ، والإيمانُ هو العقيدةُ الرّاسخةُ في القلبِ، والتّصديقُ الجازمُ بوجودِ اللهِ -تعالى- وعبادتُهُ وحدهُ، ووصفُهُ بصفاتهِ الثابتةِ التي وَصَفَ -عزَّ وجلَّ- نفسَهُ بها، مِن غيرِ تكييفٍ، أو تعطيلٍ، أو تحريفٍ، بالإضافةِ إلى التّصديقِ برسولهِ ﷺ وما أُرسِلَ بهِ، والإيمانِ بأركانهِ كما وردتْ في حديثِ رسولِ اللهِ ﷺ: (الإِيمانُ: أنْ تُؤمن بِاللهِ ومَلائِكتِه ، وكُتُبِهِ، و رُسُلِهِ، و اليومِ الآخِرِ، و تُؤمن بِالقَدَرِ خَيرِهِ و شَرِّهِ)(رواه مسلم)، وتتلخّصُ أهميّةُ الإيمانِ في بناءِ الشخصيّةِ بما يأتي: يحثُّ الإيمانُ صاحبَهُ على التفكيرِ وإعمالِ عقلهِ في موجوداتِ الأرضِ، ويعزّزُ الإيمانُ الرّابطَ الروحيَّ بينَ العبدِ المؤمنِ وخالقهِ، ويزرعُ في نفسِ صاحبهِ راحةَ البالِ والطمأنينةِ، ويقضِي على الخوفِ والفزعِ ويُبعِدُ عنهُ اليأسَ.
2ـ العلمُ: يُعتبرُ العلمُ أساسًا في عناصرِ بناءِ الشخصيّةِ الإسلاميّةِ، فمِن أينَ ستتكوّنُ هذه الشخصيّةُ وتُبنَى إذا ما اجتهدَ الإنسانُ وبذلَ وسعَهُ في تلقِّي العلمِ في مجالِسِهِ وأماكنهِ، فلا قيمةَ للإنسانٍ بغيرِ علمٍ يُثرِي فِكرَهُ ويجعلُهُ مُلمًّا بأمورِ دينهِ وأحكامهِ في جميعِ الأمورِ، وتكمُنُ أهميةُ العلمِ في الإسلامِ أنَّ اللهَ – تعالى- لم يأمرْ نبيَّهُ بطلبِ الاستزادةِ مِن شيءٍ سِوى العلمِ، فقد قالَ -عزَّ من قائل-: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (سورة طه، آية: 114).
3ـ الأخلاقُ: وهي مجموعةُ الصّفاتِ الحسنةِ التي دعتْ إليها الشريعةُ الإسلاميّةُ، وقد تكونُ مجموعةً مِن الصّفاتِ الذميمةِ التي نهتْ عنها الشريعةُ الإسلاميّةُ، ومصدرُ هذه الأخلاقِ هو القرآنُ الكريمُ، وسنّةُ رسولِنَا ﷺ، فقد قال اللهُ -تعالى- عن رسولهِ الكريمِ: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(سورة القلم، آية: 4)، ووصفتْهُ أمُّ المؤمنينَ عائشةُ -رضيَ اللهُ عنها-: (كان خُلُقُه القرآنَ)(رواه الترمذي)، وتكمُنُ أهميةُ الأخلاقِ لبناءِ الشخصيّةِ الإسلاميّةِ في أنَّها تُكوّنُ مجتمعًا صالحًا، متماسكًا، يحبُّ بعضُهُ بعضًا، وذلك يؤدِّي إلى وحدةِ المسلمين، وقوّتِهم، وعزّتِهم، وتضامنِهم.
4ـ القدوةُ الحسنةُ: حتى تتحقّقَ الصفةُ المُثلَى للشخصيّةِ الإسلاميّةِ لا بُدَّ أنْ يتوافرَ لهذه الشخصيّةِ القدوةُ الجيّدةُ والحَسنةُ، ولا أفضلَ ولا أزكَى مِن رسولِ اللهِ ﷺ، وسيرتهِ العَطِرةِ ليكونَ القدوةَ الحسنةَ لكلِّ مسلمٍ، فقد قالَ -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)(سورة الأحزاب، آية: 21) وكذلك صحابتِهِ الكرامِ -رضوانُ اللهِ عليهم-؛ فقد ضربُوا أروعَ الأمثلةِ في الشخصيّةِ الإسلاميّةِ المثاليّةِ بعدَ رسولِ اللهِ ﷺ.
5ـ الإرادةُ القويةُ: تعتبرُ الإرادةُ القويّةُ مِن عناصرِ بناءِ الشخصيّةِ الإسلاميّةِ، فهي تقوِّي شخصيةَ الفردِ المسلمِ، وتُعلِي همّتَهُ، و تقوِّي عزيمتَهُ، وتزرعُ في نفسهِ الثقةَ، فيُقدِمُ على فعلِ الخيرِ وتحقيقِ ما يريدُهُ، فضعيفُ النّفسِ والعزيمةِ قد يُسلّمُ نفسَهُ وينصاعُ للآخرين، وهذا غيرُ مرغوبٍ في الشخصيّةِ الإسلاميّةِ التي يقعُ على عاتقِهَا خدمَةُ دينِ اللهِ -تعالى- ونشرُهُ، ويكونُ ذلك بالإرادةِ القويّةِ والهمّةِ العاليةِ.
*****
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ علي خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا محمدٍ ﷺ، وعلي آلهِ وصحبهِ أجمعين.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا: نماذجٌ مِن بناءِ الشخصيةِ في السنةِ النبويةِ
النبيُّ ﷺ وهو يبنِي شخصيةَ الصحابةٍ رضي اللهُ عنهم، كان دائمًا يفعلُ ذلك مِن خلالِ الميزانِ القرآنِي الذي يتعاملُ مع الإنسانِ باعتبارِهِ إنسانًا، وتحتفظُ لنا كتبُ السننِ والسيرةِ بنماذجَ متعددةٍ مِن التعاملاتِ النبويةِ، فتراهُ ﷺ وهو يعاملُ تلك الأنفسَ في لحظاتِ قوتِهَا ولحظاتِ ضعفِهَا:
1- في حالِ الضعفِ: قصةُ الشابِّ الذي جاءَ للنبيِّ ﷺ يطلبُ الإذنَ بالزّنَا، فوضعَ يدَهُ الشريفةَ عليه ِوقال: “اللهُمّ اغف ذنبَهُ، وطهرْ قلبَهُ، وحصِّنْ فرجَهُ”، فلم يكنْ بعدَ ذلك الفتَى يلتفتُ إلى شيءٍ،(رواه أحمد)، إنَّ وقفةً تحليليةً مع هذه القصةِ، تكشفُ بجلاءٍ مدَى واقعيةِ النبيِّ في علاجِ لحظاتِ الضعفِ الإنسانيِّ أمامَ تسلطِ الشهوةِ وفورانِ الرغبةِ. ويمكنُ بحسبِ ما يسمحُ بهِ المقامُ أنْ نشيرَ إلى ما يلِي: في الحديثِ لمساتٍ نفسيةٍ عميقةٍ، راعَى مِن خلالِهَا النبيُّ ﷺ واقعَ هذا الشابِ الذي أتاهُ، وقد سدَّتْ الشهوةُ عليهِ مداركَهُ، فلم يَعدْ لميزانِ الحلالِ والحرامِ دورٌ في ضبطِ رغبتهِ، فليس مِن الحكمةِ ولا الواقعيةِ -في هذه الوضعيةِ- أنْ نخاطبَهُ مِن منطلقِ “يجوزُ أو لا يجوز”، وهنا تكمنُ روعةُ العلاجِ النبويِّ وواقعيتُهُ، فلم يؤنبْ الشابَّ ولم يمنعْهُ مِن الحديثِ، وإنَّما رحمَ ضعفَهُ، وسعَى لأنْ يجدَ حلًّا ناجحًا لمشكلتهِ عن طريقِ الحوارِ، وقد كان بإمكانِ النبيِّ أنْ يبدأَ بالدعاءِ لهُ، وتنتهِي القصةُ، ولكنَّ المسألةَ هنَا مسألةُ منهجٍ يعلمُنَا مِن خلالهِ – صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه- كيف نتعاملُ بواقعيةٍ مع مشكلاتِنَا ومشكلاتِ مَن نربيهِم.
2- في حالِ القوةِ: دفُّ نعليْ بلالٍ في الجنةِ: عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهم أنَّ النبيَّ ﷺ قال لبلالٍ عندَ صلاةِ الفجرِ: “يا بلال حدثنِي بأرجَى عملٍ عملتَهُ في الإسلامِ، فإنِّي سمعتُ دُفَّ نعليكَ بينَ يدي في الجنة”، قال: ما عملتُ عملًا أرجَى عندِي أنِّي لم أتطهرْ طهورًا في ساعةِ ليلٍ أو نهارٍ إلّا صليتُ بذلك الطهورِ ما كتبَ لِي أنْ أُصلّي، قال أبو عبد اللهِ: دفّ نعليكَ يعنِي تحريكَ،(رواه البخاري).
وها هي شخصيةُ المسلمِ تبرزُ أكثرَ مع والديهِ، فهو بارٌّ بهمَا، عارفٌ لقدرهِمَا وما يجبُ عليهِ نحوهمَا، كثيرُ الخوفِ مِن عقوقهِمَا، فقلبُهُ قابضٌ بالحبِّ لهمَا، يداهُ مبسوطتانِ بالبذلِ لهمَا، طيّبُ الكلامِ معهمَا، فهو يعرفُ أنَّ رضَا الربِّ في رضَا الوالدينِ، وسخطَهُ في سخطهِمَا، وتمتدُّ شخصيةُ المسلمِ إلى زوجتهِ، فهو كيسٌ فطنٌ، يكملُ نقصهَا، يعاشرُهَا بالمعروفِ، فهو ملتزمٌ هدي الإسلامِ في حياتهِ الزوجيةِ، محسنٌ في التوفيقِ بينَ إرضاءِ الزوجةِ وبرِّ الوالدةِ، يجعلُ زوجتَهُ صانعةَ الرجالِ ومربيةَ الأبطالِ، وكذلك يظهرُ أثرُ شخصيةِ المسلمِ على رجالِ الغدِّ وهم أبناؤُهُ، فقد ربَّاهُم أحسنَ تربية، وبأساليبَ دينيةٍ سليمةٍ، فهم يحسّونَ بحبِّهِ لهم، وينفقُ عليهم بسخاءٍ، لا يفرقُ بينَ أبنائهِ وبناتهِ، فقد غرسَ في نفوسهِم مكارمَ الأخلاقِ وأبعدَهُم عن سفاسِفِ الأمورِ.
اللهم احفظْ بلادَنا مصرَ، وسائرَ بلادِ العالمين
الدعاء،،،،، وأقم الصلاةَ ،،،،،
كتبه: الشيخ طه ممدوح عبد الوهاب
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف